دولة رئيس مجلس الوزراء السيد سعد الحريري يلتقي المستشارة الألمانية ميركل

إلتقى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اليوم وذلك في مقر المستشارية في برلين، وقد أكّد الرئيس الحريري في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة ميركل في أنّ "لبنان يقدّم نموذجاً للتعايش والحوار للمنطقة وللعالم"، مشدداً على أنّه "ملتزم بقوّة بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله"، شاكراً "ألمانيا على التزامها الطويل بالمشاركة في قوّات "اليونيفل" في لبنان".

قال الرئيس الحريري في مستهلّ كلمته: "يسرّني أن أكون هنا اليوم في برلين، وأتطلع إلى لقائي مع المستشارة ميركل حيث سأناقش معها التحديات العديدة التي تواجه لبنان والمنطقة. اليوم اللبنانيون الذين يبلغ عددهم 4 ملايين، يستضيفون 1.5 مليون نازح سوري، وحوالي 50000 لاجئ فلسطيني، وهذا ما خلق ضغطاً على اقتصادنا وبنيتنا التحتية ونسيجنا الاجتماعي. قياساً، فإنّ هذا يشبه كما لو أنّ الإتحاد الأوروبي يستقبل "كذا" مليون لاجئ جديد".

أضاف: "من خلال استضافة 1.5 مليون نازح سوري وإلى أن يتمّ ضمان عودتهم الآمنة إلى بلادهم، فإنّ لبنان اليوم يوفّر خدمة عامة نيابة عن العالم. وسأكشف عن رؤية لبنان لتحقيق الاستقرار والتنمية غداً في مؤتمر بروكسل الذي تشارك ألمانيا في إعداده".

ودان الرئيس الحريري الهجوم الإرهابي الذي وقع في سانت بطرسبرغ الروسية، معرباً عن تعازيه للشعب الروسي. وقال: "إنّ الإرهاب وباء لا دين له، وينبغي للعالم أجمع أن يعمل معاً للقضاء عليه. كما أنّ لبنان ملتزم بقوة بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله. ولتحقيق ذلك، فإنّه يجب الاستثمار في الأجهزة الأمنية اللبنانية ودعمها. وسأبحث هذه المسألة مع المستشارة ميركل، وأشرح لماذا سيكون عائد مثل هذا الاستثمار جدير بالاهتمام ومضمون، وأنا أؤكّد ذلك".

وشكر الرئيس الحريري ألمانيا "على التزامها الطويل الأمد بالمشاركة في قوات "اليونيفيل" في لبنان"، مردفاً: "إنّ الرجال والنساء في بلدكم يلعبون دوراً بارزاً في حفظ السلم والاستقرار في بلدي. ولبنان يقدم نموذجاً للتعايش والحوار للمنطقة، بل وللعالم. وهو اليوم واحة من السلام في منطقة متقلبة. وأنا سأناقش مع المستشارة ميركل كم هو مهمّ بالنسبة لنا أن تكون ألمانيا شريكاً رئيسياً في الجهود الرامية إلى إبقاء بلدنا آمناً ومستقراً. ونحن نتشارك نفس القيم، ونحتاج إلى التعاون الوثيق من أجل مواجهة العديد من الأمور المجهولة التي تنتظرنا".

من جهتها اعتبرت المستشارة ميركل أنّ "انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتكليف الرئيس الحريري لتشكيل حكومة وحدة وطنية، كان في مصلحة الشعب اللبناني وجميع الأطياف الموجودة. نحن سعداء برؤية ذلك يتحقق نظراً إلى الوضع المعقّد في لبنان".

أضافت: "اليوم سوف نتحدث عن استقرار الوضع السياسي، كما أنّنا سنتحدث عن عدد من الوقائع، ومنها أنّ لبنان يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، وبالتالي يمكنكم تخيل مدى العبء الإنساني المفروض، نظراً إلى حجم هذه الدولة وعدد سكانها. لذلك أودّ أن أعبّر عن احترامي وتقديري للشعب اللبناني لاستضافته هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، خصوصاً وأنّ الوضع في البلاد حساس جداً أصلاً، وبالتالي فإنّه تحدّ كبير".

وتابعت: "نحن نعتبر ثاني أكبر دولة مانحة للبنان، وقدّمنا دعماً مالياً بلغ أكثر من 386 مليون يورو في العام المنصرم، ونساعد لبنان في مواجهة هذه الأزمة، كما أنّنا نحاول أن نستخدم هذه الأزمة من أجل إنعاش الديناميكية الاقتصادية في المنطقة".

وأكّدت أنّ "المهمّة الرئيسية هي مساعدة اللاجئين ولكن أيضاً المجتمع المضيف، طالما أنّه هو الذي يواجه عبء استضافة اللاجئين السوريين. وبالتالي فإنّ المجتمع الدولي يجب ألا يُعالج مشكلة اللاجئين فقط بل أيضاً الدول المضيفة. وفي الغد سوف نشارك في المؤتمر الهادف إلى دعم سوريا في المستقبل والمنطقة ككلّ، وذلك في بروكسل وبمشاركة وزير الخارجية الألماني. ونحن نسعى إلى مواصلة تقديم الدعم للمنطقة ولشركائنا فيها. ومؤتمر الغد سوف يعقد تعقيباً على المؤتمر السابق الذي عقد في العام 2016".

وقالت: "لا شكّ أنّ سوريا تشكّل أكبر دولة مجاورة للبنان، ولذلك فإنّ عدد الدول المتأثرة مباشرة بالأزمة قليل مقارنة بلبنان، وعليه، فإنّه حين نجري مداولاتنا يجب أن نحاول التوصل إلى آراء موحّدة حول سبل الوصول إلى حلّ سلمي في سوريا. فقد رأينا أنّ الحلّ العسكري أدّى إلى مزيد من سفك الدماء ومزيد من الصعاب والتحديات، ولم يساعد في حلّ المسألة".

وختمت قائلة: "وعليه، فإنّنا سوف نتحدث أيضاً عن العلاقات مع إيران والسعودية ودور قوى "اليونيفيل" التي بدأت عملها في العام 2006، ولذلك أودّ أن أشكر الرئيس الحريري مجدّداً على إتاحة الفرصة لإجراء هذه المحادثات الثنائية والمهمة جداً، وأنا أؤكّد دعمنا كحكومة ألمانية للبنان قدر الإمكان".

بعد ذلك عقد الرئيس الحريري والمستشارة ميركل اجتماعاً جرى خلاله عرض للتطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية، واستكملت المحادثات خلال غداء عمل أقامته المستشارة ميركل على شرف الرئيس الحريري، وحضره سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري وعدد من المسؤولين الألمان.